د. نرمين توكل تكتب: نحو مدونة أخلاقية لبرامج المسئولية الاجتماعية
تعكس برامج المسئولية الاجتماعية للشركات حرص المنظمات علي الجمع في سياستها التسويقية بين اهتمامها بمصلحتها الذاتية، ومصلحة المجتمع، من خلال تضمين الأنشطة التسويقية للمنظمات بأجندة تهتم بالقضايا الاجتماعية التي تحظي باهتمام جماهيري، ويمكن قياس فاعلية هذه البرامج من خلال رصد تأثير تلك البرامج علي القضايا المجتمعية المهمة.
ويواجه تسويق الأفكار الاجتماعية العديد من المتغيرات الشخصية، والاجتماعية، والاتصالية؛ فضلًا عن التأثر بطبيعة الفكرة المطروحة نفسها، وتعدد هذه المتغيرات في (مدي بساطة أو تعقيد الفكرة، درجة التعارض أو التوافق مع المصلحة الذاتية للفرد، تركيبة النظام الاتصالي في المجتمع، سمات الجمهور المستهدف)، وهي كلها تحديات وعوائق تواجه تطبيق برامج المسئولية الاجتماعية للشركات.
وقد أدت المتغيرات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية إلي محاولة العديد من الدراسات تطوير نماذج نظرية لبرامج المسئولية الاجتماعية؛ كإضافة المسئوليات البيئية علي حساب حذف المسئوليات الأخلاقية؛ لتشكل جميعها الصورة الذهنية المؤسسية للشركة Corporate Image، والتي تنعكس بدورها علي ولاء المستهلكين و اتجاهاتهم نحوها.
وفي الوقت الذي ركزت فيه المسئوليات البيئية للمنظمة على برامج التنمية المجتمعية والبيئية المستدامة؛ فقد سعت مسئوليات المنظمة نحو موظفيها وجمهورها الداخلي نحو بلوغ الرضا الوظيفي؛ ومساهمة المنظمة في التطوير المهني للموظف والتوصية بها لدي أقاربه ومعارفه كمكان عمل متميز من خلال إدراك مؤشرات: (اهتمام الإدارة العليا برفاهية الموظف، توفير فرص للارتقاء بمهارات وقدرات الموظف، إشراك الموظف في صناعة القرار الإداري، توفير فرص للارتقاء الوظيفي، سرعة حل مشاكل الموظفين).
وينبغي على المنظمة الوفاء بالتزاماتها نحو جمهورها الداخلي؛ كأحد أنماط جماعات المصالح، التي تعكس شرعية المنظمة، وضمان بقائها واستمراريتها؛ ما فرض على المنظمة ضرورة الالتزام بتطوير منتجاتها، والارتقاء بمهارات العاملين وملاءمة أذواق المستهلكين، وزيادة الاهتمام برأس المال البشري بدرجة أكبر من رأس المال المادي.
ومع حدوث العديد من التأثيرات المجتمعية والثقافية طويلة الأجل؛ كارتفاع أسعار السلع والخدمات؛ومن ثم ضرورة تكبّد المستهلك لتكاليف نفقات أنشطة المسئولية الاجتماعية؛ فقد مان لزامًأ على الشركات الاتجاه وبقوة نحو تعزيز القدرة التنافسية، والحد من مساحة الحرية أمام المديرين والمسئولين؛ الذين يتحتم عليهم الالتزام بجوانب المسئولية الاجتماعية؛ وإن تعارضت مع اتجاهاتهم ومعتقداتهم الأيديولوجية والليبرالية؛ فضلًا عن إلزام المنظمات والشركات التجارية بالتدخل في حل القضايا الاجتماعية؛ مما قد يسبب معوقًا لها.
وتماشيًا مع هذا الصراع الفكري فقد اتجهت المبادئ النظرية والتطبيقات العملية نحو تبني فكرة إرساء معايير أخلاقية لبرامج المسئولية الاجتماعية؛ كالاعتماد علي مدونة أخلاقية لقواعد السلوك، وإرساء المعايير والقواعد الأخلاقية من قبل موظفي المنظمة، وأن تكون هناك إجراءات واضحة لمعالجة وتقويم السلوكيات غير الأخلاقية والإبلاغ عن أي حالات إساءة أو تجاوز؛ وذلك على نحو مواز من الاعتماد علي تقارير الاستدامة لبرامج المسئولية الاجتماعية، وإرساء لوائح إدارية واضحة لتجنب الفساد.