مقالات

د.هويدا عزت تكتب: المساواة في الظلم ظلم

الأربعاء 23 يونيو، 2021 | 9:11 م

جاءت لي إحدى صديقاتي منذ أيام تشتكي ظلم مديرها في العمل، الذي ساوي في توزيع المكافآت بينها وبين زملائها، وعندما اعترضت على هذه المساواة حيث إنها بذلت مجهود أكبر في العمل الذي كلفت به ضعف مجهود أي زميل آخر، قال لها أنه قرر مبدأ المساواة بين جميع العاملين حتى لا يقول له أحد “اشمعنى فلان”، وأن المساواة في الظلم عدل.

“المساواة في الظلم عدل” في الحقيقة أنا لا أعلم من قائل هذه المقولة، لكنها أصبحت تتردد على لسان الكثير من المسئولين لتبرير تصرفاتهم تجاه موظفيهم، استشعارًا منهم أنهم بذلك يتجنبوا وقوع المشاكل داخل بيئة العمل.

إن المساواة والعدالة، أمران مختلفان عن الآخر، فالمساواة هي أن يساوي بين الموظفين جميعًا في الحقوق والواجبات.

كما أن مبدأ المساواة بين الجميع مبدأ ظالم يدعو إلى الإحباط خاصًة للمتميزين من العاملين، ويدعم اللامبالاة عند المقصرين، وقد يؤدي إلى تحدي النظام الذي أدى إلى هذا الوضع، علاوة على ذلك قد يتبع العاملين عدد من ردود الفعل السلوكية السلبية المحتملة مثل انخفاض الأداء الوظيفي، والشروع في إستخدام سلوك الإنسحاب كالتغيب عن العمل ودوران العمل وتجنب التعاون.

بينما العدالة هي حق أساسي من حقوق الإنسان، توفر الإطار المعياري للوصول إلى أن يكافأ الموظفين المتميزين ويعاقب المقصرين.

كما أن مسألة العدالة التنظيمية أصبحت موضوعًا للنقاش في العلوم الإدارية بشكل دائم، لإنعكاسها على سلوك العاملين، وتحفيزهم على العمل، والتي تعتبر واحدة من القيم الأساسية التي تركز عليها المنظمات في عملية التحفيز؛ لرفع الأداء والكفاءة لدى العاملين والحث على التميز والتفوق في العمل.

فقد ثبت أن العدالة التنظيمية أنها مرتبطة بالعديد من النتائج التنظيمية داخل المنظمة، مثل الدافع للعمل، والرضا الوظيفي، وأداء العمل، والإلتزام، وأخيرًا سلوك المواطنة التنظيمية، وأيضًا تأثيرها على العوامل المتعلقة بالصحة مثل الإجهاد، والقلق والاكتئاب، وبالإضافة إلى الإسراف في أخذ الإجازات المرضية.

لذا يعتبر تصور العدالة التنظيمية دافعًا مهمًا للعاملين إذا تم التعامل معهم بشكل عادل، سيسعوا جاهدين ليكونوا أكثر إنتاجية في العمل، ويزداد شعورهم بالانتماء للمنظمة التي يعملون فيها.

ويعتمد أسلوب القيادة الإدارية الناجحة في تعاملهم مع موظفيهم على إرساء قواعد العدالة في العمل وليس المساواة، من خلال التعرف على الطابع الخاص بكل موظف في دوافعه وتحفيزه للعمل، والتي بتوافرها يتحقق له الرضا والاستقرار الوظيفي.

♦️الدكتورة هويدا عزت باحثة وكاتبة في العلوم الإنسانية وفلسفة الإدارة