رئيس جامعة القاهرة: الهوية الوطنية المصرية فريدة في تكوينها
«الخشت» لـ«طلاب من أجل مصر»: الهوية الوطنية تواجه عددا من التحديات ولا يمكن العبور منها إلا بتكاتف المجتمع ككل
حاضر الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، في ندوة توعوية بعنوان “الهوية الوطنية المصرية.. الواقع والتحديات”، والتي نظمتها أسرة طلاب “من أجل مصر” بقاعة المؤتمرات بالمدينة الجامعية، وذلك بحضور الدكتور جمال الشاذلي، نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، والدكتورة جيهان المنياوي، منسق عام أسرة من أجل مصر بجامعة القاهرة.
وتناولت الندوة، عدة محاور أساسية، أهمها أبعاد الهوية المصرية، ومكوناتها، والأبعاد الحضارية المختلفة لمصر وتطورها حيث تُعد من أقدم الحضارات بالعالم التي ظهرت قبل كتابة وتدوين التاريخ، ومراحل تاريخها وبداية تاريخ مصر القديمة، والعصور والممالك التي مرت بها لتكوين الهوية الوطنية المصرية، وتطور مفهوم الدولة، والرؤية ثلاثية الأبعاد وهي المواجهة الأمنية للإرهاب، والتنمية الشاملة، وتصويب الخطاب الديني، وتطور مفهوم الأمن القومي، والتحديات التي تواجه الوطن سواء سياسية أو أيديولوجية وثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية.
وقال الدكتور محمد الخشت، إن موضوع الهوية الوطنية على درجة كبيرة من الأهمية لأنه يحدد هوية كل فرد مصري، حيث أن المواطن يستمد هويته من هوية وطنه، مشيرًا إلى أن كلمة هوية تعني مجموعة من السمات المشتركة التي تميز الوطن وتجعله مختلفًا عن غيره، موضحًا أن وجود سمات مشتركة بين جنس البشر يُعد هوية إنسانية وليس هوية وطنية.
وأكد رئيس جامعة القاهرة، أن الهوية الوطنية المصرية لا يوجد ما يناظرها على مستوى العالم، وهي هوية متجانسة تتكون من عناصر عديدة كلها منصهرة في مركب فريد، مثل العنصر الفرعوني والقبطي والأسيوى والأفريقى والنيلى والمتوسطي والعربي والإسلامي.
وشدد الخشت، أن الهوية الوطنية المصرية لها سمات فريدة تميزها عن الهويات الأخرى، وهي التي صنعت معالم الدولة الوطنية ذات التأثير الإستراتيجي على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن الهوية الوطنية المصرية تواجه عددا من التحديات التي لا يمكن العبور منها إلا بتكاتف المجتمع ككل، وشدد على أن تعلو مصلحة الوطن على المصالح الأيديولوجية الضيقة، ومواجهة الفكر والمعتقدات والعادات والتقاليد الخاطئة.
وأشار الخشت، أن حضارة مصر تعتبر أقدم حضارة مدونة عرفتها البشرية ومن أوائل الحضارات التي عرفت الكتابة، مؤكدًا أن مصر بها كم هائل من الآثار وبالتالي لها مكانة فريدة وتُعتبر متحف العالم أجمع، حيث تعددت الحضارات والثقافات التي مرت بها، ولا تزال الرابطة الجوهرية بين الشرق والغرب، كما أن الإنسان المصري يمتلك القدرة على الانتقال عبر أي حضارة والتكيف معها محتفظا بهويته المميزة.
كما أشار رئيس جامعة القاهرة، إلى تطور مفهوم الدولة والذي تضمن العائلة والعشيرة والقبيلة ودولة المدينة والمملكة والامبراطورية والخلافة وفي النهاية الدولة القومية والدولة الوطنية والتى تمثل أخر أشكال تطور الدولة، موضحًا أن فكرة الدولة الوطنية لا تتعارض مع وجود انتماءات أكبر، مشيرًا إلى أن المشكلة تتمثل في وجود الجماعات الإرهابية التي تحاول القضاء على فكرة الانتماء الوطني.
وأوضح الخشت، أن من أبرز التحديات التي تواجه الهوية المصرية هو التحدي الأيديولوجي والثقافي، حيث يجب حماية الفكر والمعتقدات والعادات والتقاليد والقيم ليس من التدخلات الخارجية فقط، وإنما حمايتها أيضا من الداخل بالقضاء على الحركات والأفكار الرجعية ومواجهة دعاة الجمود والتقليد الأعمى من جهة، ومقاومة وفضح حركات الفوضى والإلحاد من جهة أخرى.
كما تطرق الخشت للتحدي الإقتصادى، مؤكدًا أنه لا حفاظ على الهوية بدون الاستقلال الإقتصادى من حيث تعزيز مفهوم العمل الجاد وزيادة الإنتاجية وعدم السماح بأية محاولة لطمس الهوية المصرية عبر التدخل الإقتصادى.
وأضاف الخشت، أنه في ظل التحديات السياسية والإقتصادية والأمنية يوجد تحد لا يقل أهمية وهو التحدي الإجتماعى بمفهومه الشامل من حيث توازن الطبقات وتقليل الفجوة بينها والحفاظ على التجانس الطبقي والسكاني.
وعرض رئيس جامعة القاهرة، خلال محاضرته للطلاب مفهوم الدولة وتطورها، كما أشار إلى أن الجماعات والحركات المتطرفة التي تسعى لهدم فكرة الدولة الوطنية تستغل الدين لتمكين قوى أجنبية، وما هي إلا جماعات هدفها تخريب الأوطان وهدم الدولة لصالح أجندات خاصة ليس لها علاقة بالدين من قريب أو بعيد وخير مثال على ذلك أن هذه الجماعات تسببت في دمار العديد من الدول الإسلامية لصالح قوى أجنبية.
وقال الدكتور محمد الخشت، خلال محاضرته لطلاب أسرة “من أجل مصر”، إن المواجهة الأمنية للإرهاب هي من أجل الحفاظ على الشعب المصري وتوفير الأمن والاستقرار له، وهي تسير جنبًا إلى جنب مع عملية التنمية الشاملة مع تصويب الخطاب الديني، موضحًا أنه من أجل الحفاظ على الدولة الوطنية لابد من عدم الانخداع وعدم الاستسلام للحرب النفسية التي يقودها أعداء الوطن، ولابد من مساهمة الجميع في بناء دولة قوية علي أسس جديدة راسخة من أهمها استعادة الروح المصرية القديمة التي تشكلت عبر التاريخ.
وأشار الخشت، إلى أنه لا يمكن الحفاظ على الهوية الوطنية المصرية دون اقتلاع الإرهاب من جذوره، والإرهاب غريب على الروح المصرية ويسعى للقضاء عليها، ولذا لابد من تجفيف منابع الارهاب من أفكار متطرفة وخطاب ديني بشري يغذي الانغلاق والرجعية والفهم الخاطئ للدين الصحيح، مؤكدًا أن جامعة القاهرة أطلقت مبادرة لتجديد الخطاب الديني من أجل بناء عقول شابة وواعية قائمة على الفهم الصحيح والأفكار الجديدة وبما يتماشى مع الفهم الصحيح للدين وليس التفسيرات التي وضعها بشر قابلة للصواب والخطأ.
وأكد الخشت، على ضرورة التمسك بالهوية المصرية بمختلف عناصرها والحفاظ عليها وتطويرها ليس فقط من أجل مصير الدولة وإنما من أجل مصير كل مواطن مصري والذي يرتبط مصيره ببلده ووطنه، وبالتالي يرتبط كل ذلك بمفهوم الدولة الوطنية التي لابد من الحفاظ عليها لتوفير الأمن والإستقرار والمستقبل.
واختتم الدكتور محمد الخشت، محاضرته حول حب الأوطان والعمل على بنائها، قائلا: “سيدنا محمد (ص) أعطانا أكبر مثال علي حب الوطن عندما قال عن مكة “ما أطيبك من بلد وما أحبك إلي، ولولا قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك”.