“تطوير الإطار القانوني لمكافحة التحرش الجنسي” في آخر سلسلة حوارات “لازم نتكلم” بالجامعة الأمريكية
ناقشت الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أمس، في جلستها الأخيرة من سلسلة حوارات “لازم نتكلم” كيفية إحداث إصلاح قانوني فعال لمنع العنف ضد المرأة، بعنوان “كيف نطور الإطار القانوني والسياسي لمكافحة العنف ضد المرأة؟”.
تحدث في الجلسة كل من عزة سليمان، محامية ومدافعة مصرية دولية عن حقوق الإنسان ومؤسسة مركز المساعدة القانونية للمرأة المصرية، وإستر واويرو، محامية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ومستشارة قانونية في المساواة القانونية بمنظمة “المساواة الآن”، وثريا بهجت، مستشارة ومدافعة عن حقوق النساء والفتيات في مصر وخريجة الجامعة عام 2006، وأدارت الحوار نيفين عبيد، خبيرة في قضايا التنمية والنوع الإجتماعي.
وألقت المتحدثات الضوء على نقاط متعددة لضمان حماية السيدات والفتيات من التحرش الجنسي منها ضرورة تفعيل القوانين، وتوفير بيئة آمنة لمن يقمن بتقديم بلاغات ضد المتحرشين، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز وإضافة قوانين لمناهضة العنف ضد المرأة ودور حملات وسائل التواصل الاجتماعي في دعم الفتيات والنساء.
وأوضحت سليمان أنه على الرغم من صدور أحكام عديدة لمعاقبة المتحرشين في الفترة السابقة إلا أن عدد الأحكام القضائية الصادرة لا يتناسب مع الإحصائيات الخاصة بنسبة التعديات التي تتعرض لها النساء والسيدات أو طرق التحرش العنيفة في المجتمع، “فبالرغم من أهمية القانون ووجود أحكام قانون العقوبات التي تحاكم المتحرش، لدينا إشكاليات في نواحي أخري. فمثلاً، لا تملك كل الفتيات القدرة على الإبلاغ، فلابد من وجود ولي أمر من هن أقل من 21 عام، وترفض كثير من الأسر أن تقوم بناتهن بالإبلاغ”.
وأشارت سليمان إلي ضرورة وجود تخصص في مرفق العدالة يتلاءم مع هذه القضايا الحساسة، سواء الشرطة أو الطب الشرعي أو القضاء، لمساعدة الفتيات على الشعور بالأمان عند الإبلاغ.
وأكدت سليمان على ضرورة تطوير قانون لضمان حماية الشهود والمبلغين، مضيفه أن التغيرات الأخيرة في القانون توضح عدم إفصاح الجهات القضائية عن أسماء المبلغين أو المجني عليهن فقط، ولكن لا تفرض عقوبة على تسريب أي عامل بتلك الجهات لمعلومات عن المبلغين، “لذا لابد من وجود قانون متكامل لحماية الشهود والمبلغين”.
وحذرت بهجت من إحجام الفتيات عن الإبلاغ خوفاً من التعرض للتشويه أو الانتقام: “إن ما تتعرض له بعض الفتيات من تشويه للسمعة عند قيامهن بالإبلاغ عن حوادث التحرش قد يمنع الكثيرات من الإبلاغ خوفا من التعرض للتشويه أو الانتقام منهن بعد الإبلاغ”.
وأضافت أن أهمية القانون لا تكمن في إصداره، بل بتفعيله، وركزت بهجت على أهمية دور المجتمع المدني كأفضل شريك للتوعية باستخدام القوانين وتقديم الدعم للفتاة أو السيدة التي تخشي من تقديم بلاغ، بجانب محاربة مفهوم استباحة المرأة سواء في الشارع أو إلكترونيا.
وألقت واويرو الضوء على الدور الذي تلعبه الاتفاقيات الدولية في تغيير القوانين المحلية في أفريقيا، وضرورة القاء الضوء على القضايا الهامة مثل التحرش والختان والعنف ضد المرأة بشكل عام، وركزت على أهمية بروتوكول مابوتو وهو بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ويتناول على وجه التحديد حقوق النساء والفتيات في أفريقيا.
وترى واويرو أن مصر تخطو خطوات جيدة فيما يتعلق بالإعتراف بالعنف ضد المرأة والتحرش الجنسي كمخاوف داخل المجتمع وأن هناك خطوات يتم اتخاذها لمعالجة ذلك.
كما وجهت الدعوة لبعض الدول الأفريقية التي لم توقع بعد على البروتوكول للتصديق على البروتوكول، قائلة: “يوفر البروتوكول الحد الأدنى الأساسي من الحماية التي يمكن على أساسها تأسيس القوانين الوطنية وكذلك إصلاحها”.
كما ركزت واويرو على قوة وسائل التواصل الاجتماعي في تسليط الضوء على قضايا مثل العنف ضد المرأة والتحرش كوسيلة من وسائل الحملات من أجل العدالة الاجتماعية، مؤكده أن القانون هو القوة الدافعة لتعزيز الحملات، كما شددت على ضرورة التحالف الإقليمي لمناصرة القانون أو اعتماده أو تنفيذه، “ندرك في منظمة “المساواة الآن” أن بعض البلدان لازلت تطبق قوانين تمييزية على أساس الجنس، ونحن ندعو باستمرار إلى إجراء تغييرات في هذه القوانين، لذا فنحن على الأقل نضمن حماية النساء في إطار القوانين”.
وأكدت سليمان على ضرورة العمل على الإطار القانوني والمطالبة بتطبيق الدستور والاتفاقيات الدولية والقيام بذلك بالتوازي مع القوانين المكملة لهذه القضية وحماية الفتيات مثل قانون مناهضة العنف الجنسي في مصر وقانون لحماية الشهود والمبلغين، “يعتمد تطبيق القوانين على مؤسسات كبيرة مؤثرة على القضية وعلى قضايا النساء وهم: الخطاب التعليمي، والخطاب الإعلامي والخطاب الديني سواء المسيحي أو المسلم، وأيضا على مؤسسات الدولة”.
جدير بالذكر أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة أطلقت سلسلة حوارات “لازم نتكلم” في نوفمبر 2020 انطلاقا من حرصها على لعب دور محوري في زيادة الوعي بقضية التحرش الجنسي كقضية اجتماعية هامة ولدعم الجهود الوطنية والدولية المتعلقة بهذه القضية خاصة في الجامعات.
وتناولت سلسلة حوارات “لازم نتكلم” العديد من القضايا الهامة الخاصة بالتحرش منها تأثير التنشئة على قضية التحرش، وتناول السينما والإعلام للتحرش، والخصوصية في عالم الإنترنت، ومواجهة التحرش في الجامعات، وتحقيق الأمان والشمولية والتنوع في أماكن العمل.