دخل التوكتوك مصر عام 2005، وتمت عملية استيراده وتجميعه سواء من الهند أو الصين، ثم بدأت ظاهرة التوكتوك في التزايد في كل المحافظات والأقاليم بل في المدن الجديدة أيضًا، حيث أعلنت “الرابطة العامة لمالكي التكاتك” في شهر نوفمبر الماضي أن هناك قُرابة 5 مليون توكتوك في شوارع مصر غير مُرخصة، مما أدى إلى تضخم مشكلاته وأضراره.
فقد أصبح التوكتوك منذ أكثر من 17 عامًا منفذًا للاقتصاد غير المُنظم، الذي يستوعب جزءًا كبيرًا من العاطلين للذين لا يجدون فرصة عمل، فهناك إقبال كبير خاصًة من الشباب إلى هذه المهنة وترك الحرف المهنية المهمة في المجتمع.
وقد مرت رحلة سيطرة الدولة على التوكتوك بالكثير من المراحل إلا إنها لازالت منتشرة، وتتضخم أضرارها سواء بالحوادث أو بتأثيرها السلبي على الاقتصاد أو البيئية.
فلم يعد التوكتوك ظاهرة تضر بالوجه الحضاري لمصر والمرور فحسب، بل إنه تجاوز ذلك فأصبح قضية مُجتمعية لها أبعاد اجتماعية، ويحمل العديد من المخاطر، وهذا ما أكدته الدراسة الاسكشافية أجراها المركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية تحت إسم “ظاهرة التوكتوك الأسباب والمشكلات والحلول”.
أوضحت الدراسة أن انتشار التوكتوك فى مصر كشف عن العديد من الأزمات والمشكلات المُزمنة التى يعانى منها المجتمع وعلى رأسها الفقر، والبطالة، والفئات الهشة فى المجتمع التي أغلقت في وجوههم أبواب العمل ولم يجدوا سوى التوكتوك وسيلة لكسب الرزق، كما أظهر انتشار التوكوتك ظاهرة عمالة الأطفال، حيث أن أغلب العاملين عليه هم دون السن القانوني 18 عامًا، كما أن التوكتوك فجر أزمة تدني الأخلاق وانتشار السلوكيات والتصرفات السلبية، نظرًا لما يقدمه التوكتوك من قيمًا سيئة للمجتمع تحرض على سلوكيات سلبية.
في بعض الأحيان يتسبب التوكتوك في الكثير من الاختناقات المرورية نتيجة لسيره عكس الإتجاه وبسرعة شديدة، والمُساهمة في زيادة نسب الحوادث، فهو وسيلة مواصلات غير أمنة، وذلك لعدم اتزانه وعدم صلابة هيكله الخارجي، كما أنه لا يوجد به أبواب أو أحزمة أمان مما يُعرض الركاب للخطر في حالة الحوادث.
كما ساهم التوكتوك وبشكل سلبي في التأثير على البيئة، ونشر التلوث السمعي والبصىري، وإفساد الذوق العام، فمعظم سائقي التوكتوك يشتركون في تشغيلهم لأغاني صاخبة وكلمات متدنية غير المفهومة أو ما يطلق عليها “أغاني المهرجانات”، فالتوكتوك يعتبر هو المُشجع الأول لهذه الأغاني، الذي يجبر الأخرين على الإستماع لها سواء من ركابي التوكتوك أو ساكني مناطق سيره.
ولم تتوقف أضرار التوكتوك على هذا فحسب، بل امتد تأثيره أيضًا على الصحة العامة، فكثير من الناس يتخذ من التوكتوك وسيلة للتحرك في بعض الأماكن حتى لو كانت مسافات قصيرة لا تستحق وسيلة مواصلات يمكن الوصول إليها بالسير على الأقدام.
لقد أصبح التوكتوك مثل القنبلة الموقوتة أوشكت على الانفجار، فهل يمكن التصدي لهذا التوكتوك ومواجهة فوضى انتشاره؟
بقلم الدكتورة/ هويدا عزت
كاتبة وباحثة في العلوم الإدارية وفلسفة الإدارة