د.علي عبدالمنعم يكتب: الألترويزم وثقافة التوازن الأخلاقى المحمود
لم يكن غريبا على الأسماع أن تتكرر ذات الجرائم الأخلاقية يوما بعد يوم فى مجتمعنا المصرى وأى مجتمع تراجعت فيه القيم والأخلاق تراجعا حادا وملموسا؛ فلم يعد للمرء السوى دليل يقتدى به فى ظل انهيار الرموز والقامات ممن يدعون الفضيلة وهم للرذيلة أقرب.
فتجد النماذج الشاذة التى ينبهر بها الأبناء ويتابعونها على الشاشات ووسائل التواصل الإجتماعى التى تسلط الضوء على هؤلاء الأفراد ولا عجب أن تجد فئة كبيرة من المتابعين لهم من الشباب والشابات ممن هم أولى بالاحتواء وتقديم روشتات أخلاقية يسيرون عليها فى تعاملاتهم مع ذويهم وأصدقائهم.
فالأخلاق الإسلامية أخلاق إيجابية لا تساير الركب عجزا واستسلاما إنما تصدر عن وعى وقوة وتقاوم اليأس وكل أسباب الضعف والاتكالية السلبية تلك الأخلاق شملت كل ألوان النشاط الإنسانى الفردية والإجتماعية كما تشمل علاقة الإنسان مع نفسه وبنى جنسه وخالقه.
ولعلنى صدرت مقالى هذا بمفهوم قد يبدو غريبا على الأسماع وهو الألترويزم، الذى يعنى قدرة الفرد على تحقيق التوازن الأخلاقى بين الحقوق والواجبات وبين الواقعية والمثالية، أن يشعر الفرد بغيره كما يشعر بنفسه بدافع من العطف لا إرضاء لحاجة جسمية ملحة ولا إشباعا لعضو من جوع وقتى كما هو الشأن فى الجوع وغيره من الغرائز البشرية، فمن الواضح أنه لاسبيل للحياة البشرية بغير ذلك المضاد الحيوى الأخلاقى الذى يمثل مفتاحا سحريا للتعامل مع بنى البشر.
وأنا أتساءل: كيف تكون الحياة الإنسانية إذا لم يحضر الفرد إحساس غيره أمامه من يتعامل معه؟ وكيف يشعر بالعطف من لا يسعه أن يتصور آلام الناس وهمومهم؟ إنها دعوة أخلاقية بصبغة تربوية للتخلى من الأنانية الذاتية على حساب الآخرين ممن نتعامل معهم ولهم نفس الحوائج والميول والرغبات كى يتحررالفرد من قهر الأنانية لإدراك العالم الخارجى وقتئذ يطمئن الإنسان لقدره ورزقه ممتثلا لآداب وتعاليم الإسلام الذى جعل محور دعوته الأخلاق التى خطت للإنسان المنهج القويم الملائم لفطرته والذى إذا سلكه سعد فى الدنيا والآخرة فردا كان أو جماعة اللهم ارزقنا التوازن الأخلاقى فى تعاملاتنا ومعاملاتنا إنك ولى ذلك والقادر عليه.
بقلم أ. د / على عبد المنعم حسين
أستاذ م بكلية التربية جامعة الزقازيق