د. نرمين توكل تكتب: المسئولية الاجتماعية.. اختبار لو تعلمون عظيم
إنه اختبار لو تعلمون عظيم.. حقًا اختبار حاسم للفصل بين من يدعون اتباعهم وتبنيهم لاستراتيجيات المسئولية الاجتماعية، وهم لا يقصدون سوى الزيف والضلال، متخذين من المبادرت الإنسانية والخيرية والبيئية وسيلة لاكتساب حقوق وشرعية واهية آيلة للسقوط مع أول اختبار حقيقي، هؤلاء من ينغمسون في ثنايا أوهام التحرر من القيم والمبادئ غير القابلة للتجزؤ، وبين أخيار المجتمع ونخبته الأصيلة الذين يدركون تمام الإدراك أنه قد حان وقت الاعتصام بحبال القيم الإنسانية ومعانيها السامية بما تستوجبه من مبادرات خيرية وبرامج اجتماعية هادفة.
لقد تحوّلت مجالات المسئولية الاجتماعية للشركات من الطابع الاختياري “الطوعي” إلى كونها شبه إلزامية، خاصًة على مستوى الشركات العاملة علي النطاق الدولي، والتي صارت ملزمة بتطبيق معايير الحوكمة ومواطنة الشركات، لا سيما مع اتساع الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية التي تعاني من نقص الوعي بأبعاد مفهوم المسئولية الاجتماعية، وآليات تطبيقه.
لا تقتصر ركائز المسئولية الاجتماعية للشركات على المبادرات المجتمعية دون تحليها بمبادئ إنسانية سامية هي، نزاهة العلاقات مع العملاء والاستثمار في المورد البشري، والحفاظ على المبادئ الأخلاقية واحترام القانون، وتعزيز مفهوم الكرامة الإنسانية للمواطن والموظف والمستهلك، وعدم تكبّد أي منهم لأي تكاليف أو نفقات لأنشطة المسئولية الاجتماعية التي يقوم بها المدراء والمسئولون بشكل أخلاقي وقانوني خالص، حتى وإن تعارضت هذه الأنشطة مع اتجاهاتهم ومعتقداتهم الأيديولوجية والفكري.
وتفرض هذه الركائز علي الشركات ضرورة الانغماس التام في نطاق اعتبارات الصالح العام والمجتمع الخارجي، مع الالتزام بتغليف هذه البرامج المجتمعية بحزم قيمية أصيلة، كالمصداقية والشفافية والنزاهة التي يجب أن يتمتع بها المجتمع وضميره الجمعي المستمد من القيم الدينية وتلعب أجهزة التنشئة الاجتماعية الدور الأبرز في غرس هذه القيم.
في المقابل تعاني عديد الشركات من الخلط بين مفهوم المسئولية الاجتماعية، الذي أصبح ملازمًا للتنمية المستدامة بشقيها الاقتصادي والبيئي، وبين مفهوم العمل الخيري، وهو ما يمثل اختزالًا للمسئولية الاجتماعية للشركات ودورها في عمليات التغيير الاجتماعي.. على مستوى البيئتين الداخلية و الخارجية للشركات
وحل هذه الإشكالية وإن بدا بسيطًا كامنًا في التخطيط الاستراتيجي لجهود المسئولية الاجتماعية ؛ إلا أنه يتطلب تضافر جهود وخطط تنفيذية لأجهزة الدولة، بمعية كل من الشركات، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والمواطن نفسه، الذي يعد الشريك الأول والجوهري لهذه المبادرات.. ويبقى للحديث بقية.