د.هويدا عزت تكتب: من المستفيد من تحويل الوحدات السكنية إلى محلات تجارية؟!
برغم صدور العديد من القوانين والقرارات، وحظر وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة تحويل الوحدات السكنية إلى تجارية، ووضع العقوبات، إلا أن هناك زيادة كبيرة في تحويل الوحدات السكنية لمحلات تجارية وورش لتصليح السيارات والسمكرة، ومقاهي، وأفران، ومخابز، وصالونات للحلاقة ومغسلة لغسيل السيارات، أو حتى مكاتب إدارية وعيادات ومراكز طبية داخل الوحدات السكنية.
وتعتبر الأدوار الأرضية بشكل خاص أكثر الوحدات السكنية استخدامًا في ذلك، الأمر الذي يتسبب في فوضى وتعرض حياة الآخرين للخطر، فضلاً عن اقتحام الخصوصية وتقييد حريات مجاوري هذه الوحدات بعد تحويله من سكني إلى تجاري.
وكانت قد أقرت المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المُستشار جمال ندا، رئيس مجلس الدولة، مبدأ قضائيًا جديدًا ببطلان تغيير تراخيص وحدات بالمباني السكنية إلى وحدات تجارية أو إدارية، حتى إذا وافقت المحافظة أو الحي، نظرًا لمُخالفتها قانون البناء.
كما رفضت الدائرة الخامسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا أيضًا، الطعن المُقام من أحد المواطنين، والذي طالب فيه بتغيير أحد أدوار العقار الخاص به من سكني إلى تجاري.
وقالت المحكمة في حيثياتها، ولما كان المُشرع في جميع تشريعات توجيه وتنظيم أعمال البناء ـ حظرَ حظرًا مطلقًا تعديل غرض الوحدات السكنية إلى غرض تجاري أو إداري باعتبار أن الترخيص الذي مُنح ابتداءً للعقار رُوعي بشأنه اعتبارات عديدة منها الغرض الذي سوف تستعمل فيه وحدات العقار نظرًا لتأثير هذا الاستعمال على سكانه والعقارات المجاورة وذلك التزمًا بالترخيص الصادر بشأنه، وبالتالي يأتي امتنـاع الجهة الإدارية المطعون ضدها في تحويل الشقة محل التداعي من سكني إلى تجاري، في إطار تحقيق المصلحة العامة لجميع المواطنين المُقيمين بذات المنطقة التي يقع بها العقار محل التداعي، حتى لا يفاجئوا بتحويل هذه المنطقة بعد أن أقاموا فيها بناءً على اشتراطات بنائية مُحددة بتعديل ذلك وإقامة محلات تجارية.
وفي مقالي السابق تحت عنوان “عشوائية أم حرية شخصية؟ تحويل الوحدات السكنية إلى محلات تجارية” اتفقت جميع التعليقات التي جاءت على المقال إنها عشوائية، وضرر يُصيب جميع المواطنين.
فالمواطنون يروا إنها تسبب لهم العديد من الأضرار وتعدي على حرياتهم وخصوصيتم بل والنيل من أمنهم وسلامتهم، فتغير شكل الوحدة السكنية إلى تجاري أو إداري، لا يراعى فيها أي اشتراطات خاصة بأعمال البناء، فيقوم المالك للوحدة السكنية أو المُستأجر لها بكسر منافذه الوحدة السكنية وقد يهدم أحد الأعمدة الهامة في العقار، فهو لا يلجأ إلى أي جهات مُختصة للقيام بذلك، فالأمر يتم بشكل شخصي وعشوائي أيضًا، وهو ما حدث فى عمارة الموت بمنطقة جسر السويس، فقد كان من ضمن الأسباب التي أدت إلى انهيار العقار، قيام أحد الأشخاص باستئجار طابقين بالعقار وتحويلهم لمصنع ملابس، وعمل تعديلات مُدمرة في أساسات العقار كانت السبب الرئيسي في انهياره على رؤس قاطنيه، حيث قام صاحب المصنع بعمل تعديلات أزالت أعمدة حاملة رئيسية فى المبنى ما أدى إلى تضاعف الاحمال على الأعمدة الأخرى، التي لم تحتمل الضغط الهائل لإرتفاع العقار، ومن ثم حدثت الفاجعة وتساقطت العمارة.
ولا يتوقف الأمر على العبث بأساس العقار فقط بل ما يقوم به شاغلي هذه الوحدات السكنية من تلوث سمعي وبصري يصيب السكان من جراء تحويل إلى عمل تجاري، في ظل لجوئهم إلى الموسيقى الصاخبة لجلب الزبائن إلى محلاتهم، الأمر الذي على أثره طالبوا الكثير من السكان الجهات المعنية بضرورة التدخل لإيجاد حل لهذا التشويه الذي إلْمَام بالمظهر الحضري للأحياء السكنية.
أما الدولة فيضع حقها في المُحافظة على نسق عمراني يضمن مستويات مقبولة من الأمن الإجتماعى، والقانوني، والقضائي، والاقتصادي لحركة البناء في المجتمع، فكم من المدن الجديدة التي أنفقت عليها الدولة مليارات الجنيهات تم تشويهها وإحداث تغيرات على واجهات العمارات، فضلاً عن الاستيلاء على المساحات الأرضية المحاذية لهذه المحلات واستغلالها في الأعمال التجارية والدعاية.
وهنا اتسائل، من المُستفيد من تحويل الوحدات السكنية إلى محلات تجارية؟ طالما هذا الوضع يصيب الجميع بالضرر فلماذا السكوت عليه؟
اترك الإجابة على هذا السؤال لحضرتكم.
الدكتورة/ هويدا عزت
باحثة وكاتبة في العلوم الإنسانية وفلسفة الإدارة