أهم الأخباربحث علمي

تيودور بلهارس يكشف «القيمة الخفية» في مسار الرعاية الصحية: مهارات غير إكلينيكية تصنع التميز المهني

الأربعاء 26 نوفمبر، 2025 | 2:39 م

في زمن تتسارع فيه التغيرات داخل المنظومة الصحية عالميًا، وتتبدل فيه أدوار الطبيب والباحث من مجرد ممارس للعلم إلى قائد للتغيير وصانع للأثر، يواصل معهد تيودور بلهارس للأبحاث أداء رسالته في دعم التطوير المهني للعاملين بالقطاع الصحي، عبر نشر ثقافة المهارات غير الإكلينيكية كأحد أهم ركائز النجاح في مسار الرعاية الصحية الحديث.

وفي هذا الإطار، وتحت رعاية الدكتور أحمد عبد العزيز مدير المعهد ورئيس مجلس الإدارة، نظم المعهد محاضرة بعنوان: “The Hidden Value: Using Non Clinical Skills to Accelerate Your Healthcare Career” “القيمة الخفية: توظيف المهارات غير الإكلينيكية لتطوير مسيرتك المهنية في مجال الرعاية الصحية”، قدمتها الدكتورة إيمان الزمر مدرب التحول المهني لمتخصصي الرعاية الصحية، وأدارتها وأشرفت عليها الدكتورة هاجر فتحي عبد المقصود الأستاذ المساعد بقسم الطفيليات بالمعهد، بحضور عدد كبير من الأطباء والباحثين وأعضاء الفرق الطبية من مختلف التخصصات، لتفتح أمام المشاركين آفاقًا جديدة لإكتشاف القيمة الخفية في مهنتهم.

تناولت المحاضرة المفهوم الجديد لمستقبل المهن الطبية، مؤكدة أن القيمة الحقيقية للعاملين في القطاع الصحي لا تقتصر على المهارات العلمية أو السريرية، بل تمتد إلى ما يعرف بالمهارات غير الإكلينيكية، مثل حل المشكلات، القيادة، التواصل الفعال، كعناصر جوهرية للتميز في المسار المهني، مؤكدة أن القيمة الحقيقية للطبيب أو الباحث لا تقاس فقط بالعلم، بل بقدرته على التفاعل، والإدارة، وصناعة التغيير، وهي المهارات التي تحدث الفارق الحقيقي بين طبيب وآخر أو بين باحث وقائد.

وأوضحت الدكتورة إيمان الزمر أن العاملين في المجال الطبي غالبًا ما يقعون في “مصيدة الهوية المهنية”، حيث يربطون أنفسهم بالعلم فقط دون التكيف مع المتغيرات الحديثة، مشددة على أهمية تقبل واقع التغيير، والتطوير المستمر، والإستثمار في الذات باعتباره الإستثمار الحقيقي في المهنة.

واستعرضت الزمر نموذجًا من ستة أجزاء يمثل الطريق المهني للعاملين بالرعاية الصحية تشمل: الدراسة، القيادة، التواصل، الحضور والتفاعل مع الفريق، الاستراتيجية، والتحول، وأشارت إلى أن التحدي الأكبر أمام العاملين في المجال الصحي هو ضعف التواصل الفعال سواء داخل الفريق الطبي أو مع المرضى، مما يحد من كفاءة الرعاية المقدمة، داعية إلى تبني ثقافة الإصغاء، والذكاء الإجتماعي والعاطفي، والقدرة على التعبير الذاتي بشكل إيجابي وبناء، مؤكدة أن التحول المهني ليس مجرد إنتقال وظيفي، بل هو رحلة شغف وتطور، تبدأ بخطوة جريئة نحو التغيير، وقد تتضمن دراسة مجالات جديدة مثل الإدارة، الجودة، القيادة، الحوكمة.

وأضافت أن الطبيب أو الباحث يمكن أن يتحول من شخص يساعد عددًا محدودًا من المرضى إلى قائد يضع استراتيجيات تحدث تأثيرًا واسعًا على مستوى المؤسسات الصحية بأكملها.

واختتمت المحاضرة برسالة واضحة مفادها أن التحول الحقيقي في مهنة الرعاية الصحية يبدأ من داخل الفرد نفسه، من وعيه بقدراته، وإستعداده للتطور، وجرأته على التغيير.

شهدت المحاضرة تفاعلًا كبيرًا من الحضور الذين أكدوا على أهمية هذا النوع من اللقاءات التي تعيد تعريف المسار المهني في المجال الصحي، وتمنح العاملين رؤية أعمق لدورهم الإنساني والقيادي داخل المنظومة، وتمثل خطوة حقيقية نحو بناء كوادر طبية قادرة على التكيف مع التغيير وصناعة مستقبل أفضل للرعاية الصحية في مصر.

وفي تصريح له، أكد الدكتور أحمد عبد العزيز مدير المعهد، أن تطوير المهارات غير الإكلينيكية للعاملين في القطاع الصحي أصبح أحد أهم أولويات المؤسسات الطبية والبحثية، باعتبارها ركيزة أساسية في بناء منظومة رعاية صحية حديثة قادرة على مواكبة متطلبات المستقبل، موضحا أن المعهد يسعى إلى تمكين الكوادر الطبية والبحثية من إكتساب مهارات القيادة والإدارة والتواصل الفعال، بما يعزز قدرتهم في تحسين جودة الخدمات الصحية وتحقيق التميز المهني.

وأضاف أن التحول المهني الواعي أصبح ضرورة وطنية في ظل التحولات العالمية في مفهوم المهنة الطبية، حيث لم يعد الطبيب أو الباحث مجرد ممارس للعلم، بل قائدًا للتغيير وصانعًا للسياسات والإستراتيجيات الصحية، مؤكدا أن الاستثمار في تنمية هذه المهارات يمثل الخيار الأذكى والأكثر استدامة داخل المنظومة الصحية المصرية، لأنه ينعكس مباشرة على أداء الفرق الطبية وكفاءة المؤسسات في خدمة المرضى والمجتمع.

واختتم الدكتور عبد العزيز تصريحه بالتأكيد على إلتزام المعهد بمواصلة رسالته في دعم التطوير المهني والإنساني للعاملين في المجال الصحي، موضحا أن بناء جيل من الأطباء والباحثين يمتلكون العلم والقيادة والقدرة على التغيير هو الطريق الحقيقي نحو منظومة صحية متكاملة تليق بريادة مصر في مجالات الطب والبحث العلمي.

تيودور بلهارس يكشف «القيمة الخفية» في مسار الرعاية الصحية: مهارات غير إكلينيكية تصنع التميز المهني
تيودور بلهارس يكشف «القيمة الخفية» في مسار الرعاية الصحية: مهارات غير إكلينيكية تصنع التميز المهني