الدكتورة جيهان رجب تكتب: إعلام يبني العقول وأمة تصنع مستقبلها

جاء اجتماع القيادة السياسية أمس مع قيادات الإعلام ليؤكد أن الإعلام ليس مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هو شريك أساسي في تشكيل وعي المجتمع وبناء شخصيته. وقد تضمنت التوجيهات دعوة صريحة لإعطاء مساحة أوسع للأكاديميين والمثقفين في برامج ماسبيرو، باعتباره منصة إعلامية وطنية قادرة على أن تكون منبرا للعلم والفكر والثقافة.
هذه الخطوة تمثل رؤية استراتيجية تستهدف تقديم محتوى إعلامي عميق يدمج بين المعلومة الموثوقة والتحليل الرصين، ويبتعد عن السطحية أو الإثارة الفارغة. فالأكاديمي والمثقف لا يقدمان مجرد بيانات أو آراء، بل يحملان خبرات وتجارب تساعد على توسيع مدارك الجمهور وتحفيزه على التفكير النقدي، بما يحميه من الانجراف وراء الشائعات والمعلومات المضللة.
ماسبيرو بما له من تاريخ وتأثير يمكن أن يستعيد مكانته كمنارة للوعي من خلال برامج حوارية وثائقية تفتح آفاقا جديدة أمام المشاهد، وتربطه بجذوره وتاريخه، وتطرح نقاشات جادة حول قضايا المجتمع وتحدياته. وعندما يجد المواطن إعلاما يحترم عقله ويلامس احتياجاته الواقعية، فإنه يتحول من متلق سلبي إلى مشارك فاعل في نهضة وطنه.
إن بناء شخصية واعية عملية متكاملة تتداخل فيها أدوار التعليم والثقافة والإعلام. وعندما يدمج الإعلام بين الرسالة الهادفة والأسلوب الجاذب، ويستضيف العقول التي تحمل خبرة وعلما، فإنه يساهم في تشكيل مواطن قوي الفكر، معتز بهويته، قادر على التعامل مع التحديات برؤية واضحة وثقة بالنفس.
هذه الرؤية التي تم التأكيد عليها في اجتماع أمس ليست ترفا فكريا، بل هي ضرورة وطنية في ظل عالم تتسارع فيه الأحداث وتتعدد فيه مصادر التأثير. والإعلام الوطني إذا تبنى هذا النهج سيظل الحصن الأول لحماية الوعي، والركيزة الأساسية لبناء أمة تعرف طريقها ولا تتنازل عن مستقبلها.
بقلم: أ.د جيهان رجب
أستاذ بجامعة عين شمس