أهم الأخبارمقالات

المهندس عبد الرحمن عماد يكتب: الرقمنة الإدارية والاتجاه نحو التميز المؤسسي

الإثنين 26 مايو، 2025 | 12:40 ص

كتبت مقالا في غضون أغسطس العام الماضي عن الرقمنة الإدارية؛ ليس لكونه مفهوما جديدا في مجالات الحياة جوانبها التطبيقية المتسارعة ولكن لكونه احتياجا ملحا يستحيل علي أي منظمة متطورة أن تبلغ سبل التميز المؤسسي والرشاقة التنظيمية دون اتباع أساليب هذه النهج الاستراتيجي القائم علي أبعاد التحول الرقمي؛ والاستثمار في المورد البشري علي حد سواء.

فلقد اتجهت عديد الشركات -منذ عقود زمنية- نحو الاستثمار في مؤشرات رأسي المال البشري والهيكلي؛ مستعينة بالنظم والتطبيقات الرقمية؛ إيمانًا منها بدور هذه السياسة الإداية في رسم أنماط العلاقات الاتصالية والتفاعلية للمنظمة مع جماهيرها الداخلية والخارجية؛ وذلك شريطة التزام المنظمة بمؤشرات الثقة، والوفاء بمسئولياتها، وغرس مفاهيم التعاون والتنسيق والعمل الجماعي بين العاملين.

وفي خصم هذا النهج العلمي الرصين يتم الاستعانة بنظم التحليل الإحصائي والتحليل الجغرافي والمساحي وغيرها من الأدوات الإحصائية للقيام بعمليات الرصد والتوثيق والتحليل والتفسير والتنبؤ والاستنباط والاستدلال والتقييم، وجميعها أساليب علمية تهدف إلي توظيف البيانات الأولية ومعالجتها علميا وبحثيا للخروج بمؤشرات ومعايير دقيقة؛ يمكن استخدامها في العمليات الصناعية والإنتاجية.

وتعتمد الرقمنة الإدارية بشكل رئيس علي توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي لعبت دورًا بارزًا في خريطة السياسة الإدارية، بهدف تحليل البيانات، وتطوير نظم التحكم الذاتي والتحكم في العمليات الصناعية والجوانب الخدمية أيضا.

ولم تكتف المنظمات بشقيها الإنتاجي والخدمي بهذه الصيحة الرقمية متسارعة التطور، بل نجحت بعضها في توظيف تكنولوجيا الروبوتات، والتحكم الآلي والاستشعار عم بعد؛ بهدف تحسين الأتمتة وتحسين الإنتاجية وتقليل الأخطاء البشرية، فضلًا عن استخدام الإنترنت الصناعي للأشياء؛ بهدف ربط المعدات والأجهزة والمستشعرات ببعضها البعض، وتحسين الاتصال، وتعزيز فاعلية العمليات الصناعية والإنتاجية.

لقد صارت هذه المؤشرات الممزوجة بالجانبين الإداري والرقمي؛ تمثل الضمانة الرئيسية لجودة مخرجات المنظمة الناتجة من معالجة عملياتها التفاعلية مع الجمهور، لذا تبدو العلاقة ارتباطية بين كل من (كفاءة مدخلات المنظمة، سلامة واستقرار بيئة العلاقات التفاعلية، هيمنة مؤشرات الثقة والالتزام علي هذه العمليات) من جانب وبين كفاءة المخرجات التي تمثل نقاط قوة ومزايا تنافسية من جانب آخر.

وتأتي بالنهاية أهداف المنظمة التي تتسم بكونها غايات استراتيجية؛ كنتاج لتراكم رأس المال الفكري- ليس للمنظمة فقط- بل لبيئاتها الخارجية أيضًا التي تعمل فيها؛ وهو ما سيؤثر –بالطبع- علي مستوي كفاءة الأهداف الاتصالية والتسويقية للمنظمة؛ بل وتؤثر علي مدي إمكانية بلوغ هذه الأهداف من الأساس، وذلك لسببين؛ أولهما: أنها كما ذكرنا أهداف إستراتيجية؛ يتطلب تحقيقها ضمان التكامل والاتساق بين ما سبقها من عمليات، والثاني: أن المنظمة ككيان مؤسسي تحوي موارد (بشرية، اتصالية،إدارية، اجتماعية) تمثل جزءًا لا يتجزأ عن الثقافة التنظيمية الأكبر بالبناء والسياق الاجتماعي المحيط.