أهم الأخبارجامعات

ندوة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تكرم اسم الراحل الدكتور محمد فوزي جاب الله.. وتدعو إلى الاعتزاز بالتراث الطبي العربي والمصري القديم

الإثنين 21 أبريل، 2025 | 10:56 ص

في أجواء ربيعية مشبعة بحب العلم والوفاء للعلماء، احتفلت جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بيوم المخطوط العربي لهذا العام 2025، بندوة نظمتها بقاعة المؤتمرات يوم السبت 19 أبريل، بعنوان “التراث الطبي بين الحضارة العربية والحضارة المصرية القديمة” تحت رعاية خالد الطوخي رئيس مجلس الأمناء، والدكتور نهاد المحبوب رئيس الجامعة، وبإشراف الدكتور أنس عطية الفقي مدير مركز التراث العربي، ونجحت الندوة في جذب عدد من كبار العلماء في التخصصات العلمية الطبية من الجامعة وخارجها، وكان ضيف الشرف الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية السابق الذي تحدث عن الفتاوى الطبية.

وتعد جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا -بما نشرته من التراث الطبي العربي- رائدة الجامعات المصرية، بل والعربية في هذا المجال.

وأشار الدكتور أنس عطية الفقي مدير مركز التراث العربي، إلى أن كتاب “الشذور الذهبية في الألفاظ الطبية” لابن عمر التونسي، كاد أن يُنسى، لولا أن وفقنا اللهُ تعالى في هذه الجامعةِ، لتكونَ أول من تعرض لإحياء هذا الجهد الكبير الذي يوثق تاريخ الطب في مصر، فعكف عليه الدكتور محمود مهدي بدوي تحقيقا وتكشيفا حتى أخرجه في خمس مجلدات.

ولفت الفقي إلى أن كتاب الشذور الذهبية في الألفاظ الطبية فاز سنة 2023م بلقب “كتاب العام التراثي” وقد كُتب باللغة العربية في مرحلة تاريخية مهمة في عهد محمد علي باشا الذي كان يحرص على الأخذ بأسباب الحضارة والمنافسة الحقيقية في جميع المجالات، فتعاون مع فرنسا واستدعى كلوت بك في مجال الطب ليؤسس مع الأطباء المصريين مدرسة الطب بأبي زعبل، وكان من نتائج هذا التعاون تأليف هذا الكتاب العظيم الذي جمع الألفاظ الطبية ونقلها إلى العربية واستعان بعلماء الأزهر ليتأكدوا من صحة المصطلح ودقته.

وتحدث الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية السابق والخبير بمركز التراث العربي، عن اجتهادات الفقهاء من واقع أرشيف دار الإفتاء المصرية في القضايا والمسائل الطبية كالتشريح والدواء والتداوي والتجميل والإنجاب وإثبات النسب وأطفال الأنابيب والمسئولية الطبية للأطباء وغير ذلك من فتاوى راعت تطور الواقع واستشرفت المستقبل.

أما اللواء الدكتور محمد رضا عوض رئيس الجمعية المصرية والعربية لآلام الظهر، فأوضح في كلمته أن الطب كان أحد أوجه الحضارة الإسلامية خلال الفترة من القرن الثامن الميلادي إلى القرن الخامس عشر الميلادي، بما قدَّمه من منظومة طبية متحضرة وصلت إلى اكتشاف أمراض جديدة، وطرق عدة للكشف الإكلينيكي ومِن ثَمَّ التشخيص السليم، وإنشاء المستشفيات التخصصية وإدارتها، وطرق البحث العلمي في مجال الطب الباطني والجراحة وعلم الأدوية والطب الوقائي، وكلها كانت الأسس التي بني عليها الطب الحديث.

وكما قام أطباء الحضارة الإسلامية بالبحث والتنقيب، والوصول إلى منظومة متكاملة في مجال ممارسة الطب، فإنهم كتبوا الأبحاث العلمية وألفوا الموسوعات الطبية.

وفي كلمته، أكد الدكتور سمير أديب أستاذ الحضارة المصرية القديمة بكلية الآثار والإرشاد السياحي، أن هناك برديات في الطب من تراث المصريين القدماء تدل محتوياتها على معرفة في هذا العلم أذهلت أئمته في العصر الحديث، لما حوته من النظريات الصادقة، وألوان من العلاج الناجح المبني على ملاحظات واقعية وخبرات عملية وإلمام كبير بالتشريح، ووظائف الأعضاء، وطبيعة الجسم، وأسراره.

أما الدكتور أحمد جميل الشرقاوي أستاذ الجراحة في قصر العيني، فقد جاءت كلمته تعليقا على أحد إصدارات مركز التراث العربي الطبية وهو كتاب “الرحلة الوفائية في المدرسة الطبية” لحسين وفائي البغدادي، تحقيق الدكتور محمود مهدي بدوي.

وأشار الشرقاوي إلى أن هذا الكتاب كشف عن نظم وإرشادات يمكن أن نستفيد بها في الوقت الحاضر، فحسين وفائي البغدادي طبيب مصري تخرج في المدرسة الطبية في أبي زعبل في عصر محمد علي، وكتب مذكراته واصفا فيها المدرسة الطبية في عصر الخديوي إسماعيل وهي المدرسة التي أعاد تنظيمها فنيا وعلميا الطبيب المصري الجراح محمد علي البقلي وهو الذي جعل جميع أساتذتها من المصريين، وفي عصره أصدر أول مجلة طبية هي “يعسوب الطب”، ودرَّس في هذه المدرسة الدري باشا وعيسى حمدي باشا، والبقلي باشا، وقد سُميت معظم شوارع منطقة العجوزة بالجيزة بأسماء أساتذة هذه المدرسة تكريما لريادتهم للطب في مصر في القرن التاسع عشر الميلادي.

وأكد الدكتور أحمد جميل الشرقاوي أن قسم الأطباء المذكور عن الدكتور البقلي مدير هذه المدرسة الطبية يعد أكثر مثالية عن الموجود حاليا. أما منهج هذه المدرسة الدراسي فهو منهج تاريخي مهم نعتمد عليه في المقارنة بين المنهج القديم والمنهج المعاصر.

وأشار الدكتور محمد فتحي فرج رئيس قسم العلوم الأساسية بكلية طب وجراحة الفم والأسنان، في كلمته، إلى جهد مركز التراث العربي في تلخيص موسوعة القانون في الطب لابن سينا، وتقديمها للقارئ والدارس العربي في ثوب عصري جديد يسهل معه الوقوف على ما احتوته من ثروة طبية معرفية شاملة.

ووفاء للدكتور محمد فوزي جاب الله، رحمه الله، قدَّم الدكتور نهاد المحبوب رئيس الجامعة، درع الجامعة لأسرة الراحل الدكتور محمد فوزي جاب الله تسلمته ابنته الدكتورة إيناس محمد فوزي جاب الله، وشقيقتها الدكتورة إيمان محمد فوزي جاب الله.

وكان لتكريم اسم الراحل الأستاذ الدكتور محمد فوزي جاب الله انعكاسه على الحضور بما لمسوه من إحياء لقيمة الوفاء المتزامنة مع إحياء التراث الطبي؛ ذلك التراث الذي عكف على جزء منه المرحوم الدكتور محمد فوزي جاب الله فخط يمينه قبل رحيله (13 فبراير 2022م) كتاب “تبسيط المفاهيم الطبية في القانون لابن سينا” ثم حرره الأستاذ الدكتور محمد فتحي فرج وصدر في بداية هذا العام عن مركز التراث العربي.

كما قدَّم رئيس الجامعة درع الجامعة للدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية السابق والخبير بمركز التراث العربي، وفاء لفضله وعلمه وجهوده في جمع وتوثيق وأرشفة الفتاوى الطبية بدار الإفتاء المصرية.