أهم الأخبارجامعات

ضمن سلسلة لقاء مع خبير بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.. جاكلين بيري تكشف عن أول معمل تجريبي لعلم النفس في مصر

الأربعاء 19 فبراير، 2025 | 2:47 م

أطلقت الجامعة الأمريكية بالقاهرة أولى حلقات سلسلة “لقاء مع خبير” لهذا العام، بجلسة شاركت خلالها الدكتورة جاكلين هـ. بيري، الأستاذ المساعد بقسم علم النفس، حيث كشفت النقاب عن المعمل التجريبي الجديد لعلم النفس بالجامعة، وهو الأول من نوعه في مصر.

يعتمد المعمل على أسلوب غير تقليدي في دراسة العلوم الإدراكية، مستخدماً ألعاب الفيديو وتقنيات متطورة لتتبع حركة العين وتحليل الوظائف الإدراكية. توفّر هذه الطريقة المبتكرة وسيلة أكثر دقة وملاءمة ثقافيًا لتقييم الانتباه والإدراك والذاكرة والتعلم واللغة، متجاوزة التحديات المرتبطة بالاختبارات الورقية التقليدية.

من خلال تتبع حركة العين أثناء لعب المشاركين لألعاب الفيديو، يتيح بحث الدكتورة بيري طريقة طبيعية وملائمة ثقافياً لتشخيص الوظائف الإدراكية، تتجاوز المشكلات التي تظهر عند ترجمة الاختبارات التي قد لا تتناسب مع السياق المحلي للمرضى المصريين.

وتقول بيري: “عندما يفكر الناس في علم النفس، يركزون غالبًا على المشكلات المحتملة لعقولنا، كالاكتئاب والقلق والاضطرابات المختلفة، لكنهم نادرًا ما ينظرون بعين الاعتبار والتقدير لكل العمليات المعقدة التي يقوم بها العقل بشكل صحيح، كاتخاذ القرارات في أجزاء من الثانية أثناء القيادة أو التعامل مع مهام متعددة في آنٍ واحد. في الواقع، تعالج عقولنا كميات هائلة من المعلومات، ولا نلاحظ ذلك إلا عند حدوث خطأ، لأن العقل ينجح في أداء وظيفته بنسبة 99% من الوقت. ولهذا السبب نجد الخدع البصرية والأفلام ثلاثية الأبعاد ممتعة للغاية، لأنها تخدع – إلى حد ما – هذا العضو المذهل الذي يعمل بكفاءة عالية”.

منذ انطلاقه العام الماضي، استضاف المعمل أكثر من 100 مشارك في دراسات متعددة، كما يضم نحو 12 من طلاب الدراسات العليا والبكالوريوس الذين يشاركون في الأبحاث العملية كل فصل دراسي.

وقد أوضحت بيري: “الجميع يستفيد من هذه التجربة، فالطلاب يحصلون على خبرة عملية في البحث العلمي، والمشاركون يحصلون في بعض الأحيان على درجات إضافية في دراستهم، كما أن أي شخص يشارك يتعرض لمستوى متميز من الأبحاث التي نجريها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة”.

وبالإضافة إلى عملها في الجامعة، تتعاون بيري مع عدة مؤسسات أكاديمية في مصر، بما في ذلك عدد من الجامعات الحكومية، حيث تساهم في تطوير البحث العلمي في مجال علم النفس التجريبي، بما يتماشى مع رسالة الجامعة الأمريكية بالقاهرة لتعزيز الارتباط المجتمعي والمساهمة في بناء قدرات المؤسسات المحلية في هذا المجال.

وتتميز منهجية بيري البحثية بتوظيف ألعاب الفيديو لدراسة الوظائف الإدراكية من خلال اختبارات تعتمد على الكمبيوتر، لا سيما باستخدام لعبة “تيترِس”، التي تجمع أكثر من 100 مؤشر لقياس الأداء البشري، بما في ذلك تتبع حركة العين. يتيح هذا النهج تقييمًا أكثر دقة مقارنة بالاختبارات التقليدية التي غالبًا ما تفقد فعاليتها عند ترجمتها من لغات أجنبية حيث يعاني العديد من المرضى من صعوبة هذه الاختبارات عند تقديمها في بيئات إكلينيكية بسبب اختلاف نبرة وأساليب الصياغة، مما قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة.

بفضل تقنية تتبع حركة العين في معمل علم النفس التجريبي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، يمكن لبيري دراسة كيفية عمل العقل من منظور الوظائف التنفيذية.

توضّح بيري: “على سبيل المثال، إذا كنت تتحدث معي بالإنجليزية بينما اللغة العربية هي لغتك الأصلية، فإنك تقوم تلقائيًا بقمع نفسك من استخدام العربية لأنك تدرك أنني لن أفهمها جيدًا. لكن عندما تعود إلى بيتك وتتحدث مع جدّك أو جدّتك، ستفعل العكس وتكبح نفسك من استخدام الإنجليزية. هذه القدرة على قمع لغة واستخدام أخرى تُعرف بالوظائف التنفيذية، وهي تؤثر على كيفية معالجة المعلومات وإدارة مختلف المهام في حياتنا اليومية. الأشخاص الذين يتمتعون بوظائف تنفيذية قوية يكونون أكثر كفاءة في إنجاز المهام التي تتطلب التحكم في ردود الفعل غير الضرورية. كما أن هذه المهارات تلعب دورًا في الوقاية من الأمراض العصبية مثل الخرف، حيث تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص متعددي اللغات أقل عرضة للإصابة بمرض الزهايمر عند التقدم في العمر”.

وقد سلطّت بيري الضوء على إمكانيات الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية اكتساب المهارات. وقالت: “نحن ندرس حاليًا كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تقليل منحنى التعلم، بحيث يتمكن الأشخاص من الانتقال من مرحلة عدم المعرفة إلى مستوى الخبرة بسرعة أكبر، مع فهم جميع المراحل بينهما. أبحث في كيفية تسريع هذه العملية باستخدام أدوات التعلم القائمة على الذكاء الاصطناعي، وهو ما أعمل عليه من خلال لعبة تيترِس”.

وفي المستقبل، تأمل بيري في توسيع نطاق الدراسات بالمعمل ليشمل مشاركين من مختلف الفئات العمرية للحصول على فهم أعمق للوظائف الإدراكية عبر مراحل الحياة المختلفة. وأضافت: “هدفي هو زيادة عدد المشاركين في الأبحاث لتطوير فهمنا للوظائف الإدراكية عبر الأعمار المختلفة. كما أطمح لمواصلة الأبحاث المتقدمة في تتبع حركة العين لتعزيز الاختبارات الأساسية المستخدمة في تشخيص حالات مثل الخرف ومرض الزهايمر، بالإضافة إلى التوسع في أبحاث الذكاء الاصطناعي لفهم كيفية تعلم الأفراد مهارات جديدة، سواء داخل بيئة لعبة تيترِس أو خارجها”.